شهدت العاصمة السورية دمشق حادثة مقلقة أعادت إلى الواجهة التساؤلات حول سيادة القانون وحقوق المدنيين، بعد تداول مقطع فيديو يُظهر اقتحامًا مسلحًا نفذته عناصر تابعة للقوات الحكومية، بعضها ملثم، لمطعم ونادٍ ترفيهي يُدعى “ليالي الشرق” في ساحة المحافظة، وسط المدينة.
ويُظهر المقطع الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لحظات اقتحام المكان، حيث قام المسلحون بإخراج المتواجدين بالقوة، مع إطلاق نار في الهواء لإرهاب الحاضرين. كما توثّق المقاطع اعتداءات جسدية مباشرة على رواد المطعم، حيث تم ضربهم بأعقاب البنادق، ما أدى إلى سقوط عدد منهم أرضاً وإصابتهم بأذى جسدي.
ورغم أن الفيديو لا يكشف ما جرى داخل المطعم بشكل تفصيلي، إلا أن ما تم توثيقه يشير بوضوح إلى استخدام مفرط للقوة وانتهاك صريح لحقوق المدنيين، في سلوك يفتقر لأي غطاء قانوني أو إنساني.
كما تداولت بعض المصادر أخباراً غير مؤكدة تفيد بأن العناصر المعتدية قامت خلال الاقتحام بسرقة ممتلكات شخصية تعود لروّاد المطعم، بما في ذلك هواتف محمولة ومصاغ ذهبي. ولم يتسنَّ لنا التحقق من صحة هذه المعلومات بشكل مستقل حتى لحظة إعداد هذا التقرير، إلا أن تكرار هذه الروايات على لسان عدد من الشهود يزيد من أهمية فتح تحقيق شفاف وشامل يشمل كافة الانتهاكات المحتملة.
تهم ملفقة لتبرير الاعتداء من قبل المتطرفين
في موازاة ذلك، حاولت بعض الصفحات والحسابات – بعضها ينتحل صفات رسمية – تبرير الحادثة باستخدام خطاب ديني متشدد، أو من خلال ترويج إشاعات لا أساس لها من الصحة. وقد تبين من خلال تحقق سريع أجرته منصة “عيون على سوريا” أن “ليالي الشرق” هو مطعم ونادٍ ترفيهي عادي، لا علاقة له بتلك الادعاءات.
حتى وإن كانت العملية مداهمة رسمية – وهو ما تم نفيه – فإن طريقة التنفيذ العنيفة والاعتداء المسلح على المدنيين تمثل خرقًا خطيرًا للقوانين النافذة والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
موقف رسمي ووعود بالمحاسبة
ولعل اللافت في هذه الحادثة، هو البيان الصادر عن وزارة الداخلية السورية، والذي أكدت فيه توقيف العناصر المتورطة في الاعتداء، وتحويلهم إلى القضاء المختص. وأكد البيان أن “سيادة القانون فوق الجميع”، وأن أي اعتداء على المدنيين أو المرافق العامة سيُقابل بإجراءات قانونية صارمة.
موقف “عيون على سوريا” من الاعتداء
انطلاقًا من مسؤوليتنا الإعلامية والحقوقية، نؤكد في عيون على سوريا على ما يلي:
- ضرورة محاسبة كل من يثبت تورطه في هذا الاعتداء وما يماثله، بشكل علني وشفاف، لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.
- أهمية التمسك بسيادة القانون ورفض أي ممارسات خارجة عنه، تحت أي ذريعة كانت، بما في ذلك المبررات الدينية أو الأخلاقية.
- ملاحقة ومحاسبة الصفحات والمواقع التي تنتحل صفة رسمية أو تبث الفتنة، وتبرر العنف وتشوّه الحقائق.
- رفض الإشاعات الملفّقة التي انتشرت بهدف شرعنة الاقتحام والاعتداء، والتي لا تصمد أمام أي تحقق بسيط.
اختبار لحصانة المجتمع ومصداقية السلطات
لا يمكن النظر إلى هذه الحادثة كحدث عابر. إنها اختبار حقيقي للمجتمع والحكومة السورية ولمدى جديّتها في فرض القانون على الجميع دون استثناء، ووضع حد للتجاوزات التي تضعف الثقة بالمؤسسات وتزيد من تفكك المجتمع.
نأمل أن تتم متابعة القضية بشفافية، ومحاسبة الجناة أمام الرأي العام، حمايةً لكرامة المواطنين، وضمانًا لعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.