إبراهيم.. شابٌ سرقوا منه المستقبل
إبراهيم لم يكن مجرد شاب عادي، بل كان روحًا مليئة بالحياة، وابتسامة لا تفارق من حوله. وُلد ونشأ في بانياس عام 1993، وكان الأصغر بين إخوته الأربعة. منذ صغره، عُرف بحسّه الفكاهي الفريد، فلم تكن جلسة تمرّ معه دون أن يملأها بالضحك والسعادة. كان اجتماعيًا بطبعه، محبوبًا بين أصدقائه في المدرسة وخارجها، يحمل قلبًا نقيًا وروحًا مرحة. عشق كرة القدم، وكان يتابع مبارياتها بشغف، خاصة خلال كأس العالم، حيث كان مشجعًا وفيًا للمنتخب الأرجنتيني. كما كان محبًا للسينما، صاحب ذوق رفيع في اختيار الأفلام، ربما لهذا السبب اختار دراسة الأدب الإنجليزي، حيث وجد في اللغة والجماليات الأدبية ما يعكس شغفه بالفن والحياة.
شابٌ عاش بالحلم والشغف وخطفه الغدر
منذ طفولته، كان إبراهيم شخصًا اجتماعيًا بطبعه، يحيط نفسه بالكثير من الأصدقاء الذين أحبوه لروحه المرحة وقلبه الطيب. كان أينما وجد، يملأ المكان بالحيوية والضحك، ليترك أثرًا جميلاً في كل من عرفه.
بعد سنوات من الجد والاجتهاد، أنهى إبراهيم دراسته في الأدب الإنجليزي، وهو التخصص الذي أحبه بصدق. كان شغوفًا باللغة والأدب، يجد في الكلمات قوة تعكس أفكاره ورؤيته للحياة. لم يكن مجرد دارسٍ لها، بل كان مستمتعًا بجمالها في الكتب والأفلام الأجنبية التي أحب مشاهدتها بشغف، حيث وجد فيها عالمًا واسعًا من الثقافة والفن.
إلى جانب عشقه للأدب والسينما، كانت الموسيقى رفيقة دربه، حيث أحب الاستماع إلى الأغاني التي تلامس روحه وتمنحه الإلهام. أما شغفه الأكبر، فكان كرة القدم، التي تابعها بحماس، خاصة خلال كأس العالم، حيث لم يخفِ يومًا ولاءه للمنتخب الأرجنتيني، مشجعًا له بكل شغف وكأنه جزء منه.
إبراهيم كان شابًا مليئًا بالحياة والطموح، يملك أحلامًا كثيرة، لكن يد الغدر أبت إلا أن تخطفه قبل أن يكمل رحلته التي كان يستحق أن يعيشها.
إبراهيم.. حلمٌ أُطفئ برصاص الإرهاب
في صباح الثامن من آذار 2025، وبعد ليلةٍ دامية امتلأت بالمجازر والرعب الذي نشرته الجماعات المتطرفة في بانياس، كان إبراهيم وعائلته يبحثون عن ملجأ آمن يقيهم من الموت الذي يحيط بهم من كل جانب. لم يكن أحدٌ يعلم أن هذه المحاولة ستكون الأخيرة لبعضهم، وأنهم لن يتمكنوا من مغادرة المدينة أحياء.
قبل يوم واحد فقط، كانت الفاجعة قد ضربت العائلة عندما استشهدت عمته، المهندسة أفروديت إبراهيم، على يد هؤلاء القتلة. ومع اشتداد الخطر، قرر إبراهيم ووالده الأستاذ مرهج وشقيقه ذو الفقار، المحامي الطموح، النزول من المنزل والبحث عن طريقٍ للنجاة، بينما بقيت والدته وأخوه الآخر في الداخل، يترقبون بقلق.
لكن الموت كان أسرع من الأمل. ما إن وصل إبراهيم ووالده وشقيقه إلى مدخل البناء، حتى توقفت سيارة مليئة بالمسلحين المتطرفين أمامهم، وكأنهم كانوا ينتظرون لحظة خروجهم. بلا تردد، فتحوا نيران حقدهم عليهم، ليُردوهم شهداء في لحظاتٍ قليلة، بينما كانت أصوات الرصاص تملأ المكان. من الأعلى، سمعت والدته وأخوه صوت الرصاص يتردد كطعنةٍ في القلب، لكن الرعب منعهم من النزول، ليدركوا لاحقًا أن أحبّ الناس إليهم قد رحلوا بلا عودة.
كان ذلك اليوم شاهدًا على أبشع أنواع الجرائم، حيث أُزهقت أرواح بريئة بلا سبب سوى الحقد الأعمى. إبراهيم، الذي كان يحلم بمستقبلٍ مليء بالشغف والأمل، لم يمنحه الإرهاب فرصةً للحياة. رحل مع والده وشقيقه، تاركًا خلفه فراغًا لا يُعوّض، وذكرى ستظل شاهدة على وحشية لا تغتفر.




حيث كان الله والملائكة والشيطان يشاهدون ما يجري ولا يفعلان شيئاً”

