في قرية شريفا، تلك القرية الهادئة التي كانت تنبض بالحياة على الساحل السوري، تحول صباح يوم الجمعة إلى كابوس دموي لم يكن يخطر ببال أحد من سكانها.
كان الأهالي يمارسون حياتهم المعتادة، رغم التغيرات التي طرأت على البلاد بعد سقوط النظام، حيث تم نزع السلاح منهم وتسليمه إلى القرى المجاورة ذات الأغلبية السنية، مثل الجنكيل وبابنا. لم تكن هناك توترات سابقة، ولم يسجل أي عداء بين الجيران، إلى أن وقعت الحادثة التي أشعلت شرارة المجزرة.

بدأت الأحداث عندما قُتل حسين خالد حمشو، أحد سكان قرية بابنا المجاورة، على أوتستراد إدلب، ما أثار غضب المسلحين الذين اتهموا أهالي شريفا بمقتله. سرعان ما تحول الغضب إلى انتقام دموي منظم، حيث انطلقت أصوات الهتافات بعد صلاة الجمعة في السابع من آذار ، وتصاعد التوتر بسرعة. لم تمر سوى لحظات حتى بدأ الهجوم، وكان المشهد أشبه بجحيم نزل على القرية. دخل المسلحون إلى شريفا بكثافة، مدججين بأسلحة ثقيلة وخفيفة، يطلقون النار عشوائيًا على كل من يصادفهم. لم يفرقوا بين رجل وامرأة، بين شاب وشيخ، بل حتى كبار السن لم يسلموا من وحشيتهم، كما حدث مع العم “أبو علي آدم” الذي قُتل بدم بارد رغم أنه تجاوز السابعة والتسعين من عمره.


كان شاهد العيان مختبئًا في أحد الأحراش، يراقب المشهد بعيون مرتعبة وقلب ينبض بالخوف. رأى كيف اقتحم المسلحون البيوت وأخرجوا أهلها منها ليتم تصفيتهم في الشوارع أو أمام منازلهم. كانت العبارات الطائفية تنهال على الضحايا قبل أن يتم إطلاق النار عليهم. “علوي خنزير” كانت تُقال قبل أن يتم تنفيذ الإعدام الميداني. أحد الضحايا، أبو أيهم شريف سعد، أُحرقت قدماه حتى الركبة قبل أن يتم تصفيته وإلقاؤه في ساقية الماء قرب القرية.
لم يكن الأمر مجرد قتل، بل كان هناك نهبٌ ممنهج. بعد أن تم قتل سكان أول حارة، بدأ المسلحون بتعفيش المنازل، يسرقون كل شيء قبل أن يحرقوها، حتى السيارات والدراجات لم تسلم من أيديهم. المحال التجارية نُهبت، والفرن الوحيد في القرية دُمر بالكامل، وخزان الكهرباء فُجر، والمنشرة سُرقت بالكامل. لم يكن الهدف القتل فقط، بل محو أثر القرية وسكانها.
لم يقتصر العنف على إطلاق النار والتعذيب، بل تم استخدام القنابل اليدوية لإحداث أكبر قدر ممكن من الدمار. كانت القنابل تُرمى داخل المنازل، تحوّل البيوت إلى كتل مشتعلة من الركام، كانت أصوات الانفجارات تتردد في أنحاء القرية،
استمر الهجوم ليومين، وسط صمت مطبق من الجهات الأمنية التي بدا واضحًا أنها على علم مسبق بما يجري. كان هناك تنسيق بين الفصائل المسلحة والجهات الرسمية، حيث لم تتدخل قوات الأمن إلا بعد انتهاء المجزرة، ليدخلوا بصورة “الأبطال”..
أما عن المختار، فقد تلقى اتصالًا من المسلحين في اليوم التالي، طُلب منه الحضور لتوزيع الخبز. لكنه لم يصل إلى وجهته، بل وُجد مقتولًا إلى جانب الخبز الذي كان يحمل، بينما سُمع الأهالي وهم يصرخون فيه قبل قتله: “بدك تطعمي العلوية الخنازير؟”.
كان الشاهد يختبئ في الأحراش، يراقب من بعيد، ويتنقل بصعوبة بين الأشجار. حينما اشتد الخطر وبدأ المسلحون بإحراق الأحراش، كاد أن يلقى ومن معه مصيرهم المحتوم ، لولا أن الرياح غيّرت اتجاه النيران في اللحظة الأخيرة. الموت كان يحيط به من كل جانب،
يتـذكر الشاهد تلك اللحظة حين سمع أحد الضحايا المختبئين بمكان قريب منه يُؤمر بأن ينزل رأسه ثم نادى أحد المسلحين لمن معه، “هات الساطور”، وسُمع صراخ الرجل الأخير وهو يستنجد: “يا علي!”، لكن صوته انقطع بأربع طلقات، ثم أُطلقت أربع أخرى بعد الإهانات وهكذا تم قتل صلاح معروف الملقب ب أبو بشار.
مع بزوغ الفجر، خرج من نجا من الأهالي ليبحث عن ذويه، لكن لم يكن هناك سوى الموت والخراب.
اليوم، وبعد أن انتهت المجزرة، دخلت “الهيئة” ، ليس لإنقاذ من تبقى، بل لإخفاء آثار الجريمة، ولمحاولة رمي السلاح بين الجثث لجعلها تبدو وكأنها كانت معارك
. أصبح أي علوي في المنطقة محكومًا بالموت، ولم يعد هناك أمان لأحد.
وسط هذا الدمار، يتساءل الناجون: أين العالم مما يحدث؟ أين الإنسانية؟ يرفع أهالي شريفا صوتهم، رغم الألم والخوف، يناشدون الضمير العالمي: “نحن نباد، لا أحد يقف معنا، لم يعد هناك من يسمع صرخاتنا. هل بقي شيء من الإنسانية في هذا العالم؟”.
كان شاهد العيان مختبئًا في أحد الأحراش، يراقب المشهد بعيون مرتعبة وقلب ينبض بالخوف. رأى كيف اقتحم المسلحون البيوت وأخرجوا أهلها منها ليتم تصفيتهم في الشوارع أو أمام منازلهم. كانت العبارات الطائفية تنهال على الضحايا قبل أن يتم إطلاق النار عليهم. “علوي خنزير” كانت تُقال قبل أن يتم تنفيذ الإعدام الميداني. أحد الضحايا، أبو أيهم شريف سعد، أُحرقت قدماه حتى الركبة قبل أن يتم تصفيته وإلقاؤه في ساقية الماء قرب القرية.
لم يكن الأمر مجرد قتل، بل كان هناك نهبٌ ممنهج. بعد أن تم قتل سكان أول حارة، بدأ المسلحون بتعفيش المنازل، يسرقون كل شيء قبل أن يحرقوها، حتى السيارات والدراجات لم تسلم من أيديهم. المحال التجارية نُهبت، والفرن الوحيد في القرية دُمر بالكامل، وخزان الكهرباء فُجر، والمنشرة سُرقت بالكامل. لم يكن الهدف القتل فقط، بل محو أثر القرية وسكانها.
لم يقتصر العنف على إطلاق النار والتعذيب، بل تم استخدام القنابل اليدوية لإحداث أكبر قدر ممكن من الدمار. كانت القنابل تُرمى داخل المنازل، تحوّل البيوت إلى كتل مشتعلة من الركام، كانت أصوات الانفجارات تتردد في أنحاء القرية،
استمر الهجوم ليومين، وسط صمت مطبق من الجهات الأمنية التي بدا واضحًا أنها على علم مسبق بما يجري. كان هناك تنسيق بين الفصائل المسلحة والجهات الرسمية، حيث لم تتدخل قوات الأمن إلا بعد انتهاء المجزرة، ليدخلوا بصورة “الأبطال”..
أما عن المختار، فقد تلقى اتصالًا من المسلحين في اليوم التالي، طُلب منه الحضور لتوزيع الخبز. لكنه لم يصل إلى وجهته، بل وُجد مقتولًا إلى جانب الخبز الذي كان يحمل، بينما سُمع الأهالي وهم يصرخون فيه قبل قتله: “بدك تطعمي العلوية الخنازير؟”.
كان الشاهد يختبئ في الأحراش، يراقب من بعيد، ويتنقل بصعوبة بين الأشجار. حينما اشتد الخطر وبدأ المسلحون بإحراق الأحراش، كاد أن يلقى ومن معه مصيرهم المحتوم ، لولا أن الرياح غيّرت اتجاه النيران في اللحظة الأخيرة. الموت كان يحيط به من كل جانب،
يتـذكر الشاهد تلك اللحظة حين سمع أحد الضحايا المختبئين بمكان قريب منه يُؤمر بأن ينزل رأسه ثم نادى أحد المسلحين لمن معه، “هات الساطور”، وسُمع صراخ الرجل الأخير وهو يستنجد: “يا علي!”، لكن صوته انقطع بأربع طلقات، ثم أُطلقت أربع أخرى بعد الإهانات وهكذا تم قتل صلاح معروف الملقب ب أبو بشار.
مع بزوغ الفجر، خرج من نجا من الأهالي ليبحث عن ذويه، لكن لم يكن هناك سوى الموت والخراب.
اليوم، وبعد أن انتهت المجزرة، دخلت “الهيئة” ، ليس لإنقاذ من تبقى، بل لإخفاء آثار الجريمة، ولمحاولة رمي السلاح بين الجثث لجعلها تبدو وكأنها كانت معارك
. أصبح أي علوي في المنطقة محكومًا بالموت، ولم يعد هناك أمان لأحد.
وسط هذا الدمار، يتساءل الناجون: أين العالم مما يحدث؟ أين الإنسانية؟ يرفع أهالي شريفا صوتهم، رغم الألم والخوف، يناشدون الضمير العالمي: “نحن نباد، لا أحد يقف معنا، لم يعد هناك من يسمع صرخاتنا. هل بقي شيء من الإنسانية في هذا العالم؟”.




قائمة بأسماء الضحايا الذين تم التعرف عليهم
الرقم | الاسم | الجنس | المهنة | العمر |
---|---|---|---|---|
1 | رنا بقعاوي | أنثى | ربة منزل | 48 |
2 | سماهر بسيمة | أنثى | ربة منزل | 47 |
3 | سمر بسيمة | أنثى | ربة منزل | 44 |
4 | علي درويش | ذكر | محاسب | 37 |
5 | زين سعيدة | ذكر | طالب جامعي | 20 |
6 | رامي نزيهة | ذكر | مزارع | 50 |
7 | هيثم حمامة | ذكر | مزارع | 70 |
8 | زياد بقعاوي | ذكر | حلاق | 48 |
9 | آدم سعيد | ذكر | مزارع | 95 |
10 | شريف سعد | ذكر | مدرس متقاعد | 70 |
11 | ظريف سعد | ذكر | مزارع | 74 |
12 | وديع سعد | ذكر | مزارع | 65 |
13 | محمد درويش | ذكر | مزارع | 65 |
14 | رضوان درويش | ذكر | مزارع | 47 |
15 | نزار بقعاوي | ذكر | متقاعد مدني | 65 |
16 | مازن بقعاوي | ذكر | أعمال حرة | 46 |
17 | مازن وريدة | ذكر | موظف في معمل الغزل والنسيج | 48 |
18 | فواز سكيف | ذكر | موظف في الموارد المائية | 52 |
19 | ياسر سكيف | ذكر | موظف في مديرية الكهرباء | 52 |
20 | ماهر عبود | ذكر | موظف في مديرية المواصلات | 47 |
21 | ياسر عبود | ذكر | مزارع | 49 |
22 | هاشم معروف | ذكر | متقاعد | 60 |
23 | ميسم سكيف | ذكر | مزارع | 60 |
24 | حيدر سلوم | ذكر | مزارع | 31 |
25 | صلاح معروف | ذكر | متقاعد | 63 |
26 | معروف معروف | ذكر | رجل دين وإمام جامع | 98 |
27 | بلال الشيخ علي | ذكر | متقاعد | 70 |
28 | ميلاد جديد | ذكر | مزارع | 29 |
29 | رأفت الحوار | ذكر | مزارع | 32 |
30 | نجدات سكيف | ذكر | مزارع | 67 |
31 | محمد عبود | ذكر | متقاعد | 66 |
32 | مالك مخيص | ذكر | مزارع وبائع للنصيب | 57 |